{أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ} استفهام إنكار أي قد رأوا أمثال هذه الصنائع فما بالهم لم يتفكروا فيها ليظهر لهم كمال قدرته وقهره فيخافوا منه، وما موصولة مبهمة بيانها. {يَتَفَيَّؤُا ظلاله} أي أو لم ينظروا إلى المخلوقات التي لها ظلال متفيئة. وقرأ حمزة والكسائي {تَروْا} بالتاء وأبو عمرو {تتفيؤ} بالتاء. {عَنِ اليمين والشمآئل} عن أيمانها وعن شمائلها أي عن جانبي كل واحد منها، استعارة من يمين الإِنسان وشماله، ولعل توحيد اليمين وجمع الشمائل باعتبار اللفظ والمعنى كتوحيد الضمير في ظلاله وجمعه في قوله: {سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ داخرون} وهما حالان من الضمير في ظلاله، والمراد من السجود الاستسلام سواء كان بالطبع أو الاختيار، يقال سجدت النخلة إذا مالت لكثرة الحمل وسجد البعير إذا طأطأ رأسه ليركب وسجدا حال من الظلال {وَهُمْ داخرون} حال من الضمير. والمعنى يرجع الظلال بارتفاع الشمس وانحدارها، أو باختلاف مشارقها ومغاربها بتقدير الله تعالى من جانب إلى جانب منقادة لما قدر لها من التفيؤ، أو واقعة على الأرض ملتصقة بها على هيئة الساجد والأجرام في أنفسها أيضاً داخرة أي صاغرة منقادة لأفعال الله تعالى فيها، وجمع {داخرون} بالواو لأن من جملتها من يعقل، أو لأن الدخور من أوصاف العقلاء. وقيل المراد ب {اليمين والشمآئل} يمين الفلك وهو جانبه الشرقي لأن الكواكب تظهر منه آخذة في الارتفاع والسطوع وشماله هو الجانب الغربي المقابل له من الأرض، فإن الظلال في أول النهار تبتدئ من المشرق واقعة على الربع الغربي من الأرض، وعند الزوال تبتدئ من المغرب واقعة على الربع الشرقي من الأرض.